مقدمة القصيدة العربية في الشعر الأندلسي ( 346 صفحه)
الطبعة 1 , سنة النشر 2000
مقدمة القصيدة العربية في الشعر الأندلسي
إن الأدب العربي كل متكامل لا يمكن تجزئته مهما اختلفت البيآت وتغيرت الأمكنة، فهو أدب منبعه المشرق وتبقى امتداداته إلى الأوطان الأخرى مع اصطباغ الأدب في تلك الأوطان بصبغة البيئة المحيطة وشخصية الأديب وأسلوبه، وإن دراسة أي جزء من أجزائه تعني ما يطرأ عليه من تغيرات في ظل البيئة الخاصة، ومنها مقدمة القصيدة العربية في الشعر الأندلسي باعتبارها تشكل جزءاً مهماً في تركيب القصيدة ودراستها تسد فراغاً في الدراسات الأدبية في المكتبة الأندلسية، وتعد متممة لدراسة القصيدة في المشرق العربي. وقد عرضت لمقدمات القصائد في العصور الأندلسية كلها بمعنى آخر دراستها من الفتح العربي إلى سقوط غرناطة، ولم أفرق بين شاعر أندلسي وآخر مغربي تمشياً مع المصادر الأندلسية نفسها التي لا تفرق بين الأندلس والمغرب، ولا تضع حدوداً بين عدوة الأندلس وعدوة المغرب لتمازج هذه العناصر بعضها مع بعض ولتنقلها بين العدوتين على مدى العصور الأندلسية. دارت الدراسة على ثلاثة فصول: الأول للتقليد في مقدمات القصائد التي حاول الشعراء الأندلسيون فيها متابعة شعراء العربية الأوائل في عناصر المقدمة التقليدية أسلوباً ومضموناً في وصف الطلل والغزل والرحلة ووصف الشيب والبكار على الشباب ووصف الليل وخصصت لكل عنصر مبحثاً مستقلاً فشكل سبعة مباحث بعد تمهيد مناسب عن أسباب التقليد. ودرست في الفصل الثاني اجتماع التقليد والتجديد في مقدمات القصائد لأبين كيف حاول الشعراء مجاراة المقدمات الموروثة مع إضافة عناصر كثير منها مستمد من حياتهم وبيئتهم في اللغة والأسلوب، وكان ذلك لوناً من ألوان تجريدهم ضمن إطار التقليد أيضاً حيث ضمن الشاعر عناصر عديدة في مقدمته قبل التخلص إلى الغرض الرئيس مخصصة لذلك سبعة مباحث. وكان الفصل الثالث عن التجديد في مقدمات القصائد، والمقصود ما أتى الشعراء الأندلسيون به من جديد في المضمون واللغة والأسلوب مما يلائم حياة الأندلسيين وبيئتهم، وجاء هذا الفصل في خمسة مباحث بعد تمهيد مناسب. تغلب على مقدمات الوصف معاني بناء المجالس وأوصاف النجوم برسم صور مستعارة من مواقعها وأسمائها وتجسيدها، وتفنن بعض الشعراء في إدخال المقدمات الغزلية على أغراض لا يجمعها معها انسجام في الموضوع كالرثاء والفخر ومخاطبة الأقوام، وتخصصت مقدمات القصائد الصوفية بمعاني الحب الإلهي والغزل الصوفي والخمرة الصوفية، ووظف الشعراء بعض معاني مقدمات الرحلة لغاية أسمى هي القوة والصلابة والعزم والهمة لأجل كسب الرزق والسعي إلى العلا ووصف موقف الوداع والشوق ووصف الفرس مستخدمين الأمثال والقصص. وكان منهجي في كل مبحث رصد هذه الظاهرة الفنية ومتغيراتها خلال عصور الأدب الأندلسي وبحسب توفر النصوص لدى مبينة ما تتضمنه المقدمات من محاور في تركيبها الفني دون إغفال للجوانب الشكلية في صياغة هذه المعاني، فأشرت إلى ما يستحق التنبيه عليه، والاهتمام به، لأن الطابع الغالب على البنية الشكلية هو التشابه والتقارب الكبيران، ولهذا كان حظ البنية الموضوعية (المضمونة) في الفصول أكب من حظ البنية الشكلية، ولهذا كله كان مسار الدراسة على المتغير في مقدمات القصائد وهو مضامينها.
الزوار (4471)