الحجاج - مفهومه ومجالاته (دراسات نظرية وتطبيقية محكمة في الخطابة الجديدة) ( 2439 صفحه)
الطبعة 1 , سنة النشر 2013
الحجاج - مفهومه ومجالاته (دراسات نظرية وتطبيقية محكمة في الخطابة الجديدة)
ما الحجاج؟! أخذت كلمة Argument من الفعل اللاتيني Argeue، وتعني جعل الشيء واضحاً ولامعاً وظاهراً، وهي بدورها من حذر إغريقي (Argues) ويعني أبيض لامعاً. ويشير المصطلح Argue في اللغة الإنجليزية الحديثة إلى وجود إختلاف بين طرفين، ومحاولة كل واحد منهما إقناع الآخر بوجهة نظره من خلال تقسيم الأسباب أو العلل التي يراها حجة مدعمة أو داحضة لفكرة أو رأي أو سلوك ما. ويحدد لالاند معنى الحجاج من خلال تقديم المعطيات التالية: المحاجة أو الحجاج: هي سلسلة من الحجج تنتهي بشكل كلي إلى تأكيد النتيجة نفسها، ويرى أن الحجاج طريقة في تنظيم الحجج وإستعراضها أو تقديمها، الحجة: ويعتبرها بمثابة إستدلال موجهة لتأكيد قضية معينة أو دحضها، أو تنفيدها، ويرى - من ناحية أخرى - أن هناك من يعتبر كل حجة دليلاً. أما في السياق العربي فإن مصطلح الحجاج يضرب بجذور عميقة، فتعريفه من الناحية الإصطلاحية لا يختلف كثيراً عن معناه اللغوي، مع وجود إختلافات جزئية في الجذر (ح ج ج، فهناك من يستعمل الحجاج)، وهناك من يفضل (التحاجّ)، وهناك من يفك الإدغام فيقول (التحاجج)، ونجد من يستعمل (المحاجّة)، ونجد أيضاً من يفك الإدغام فيقول (المحاحجة)؛ فالحجاج لغة من حاجّ "وحاججته أحاجة حجاجاً ومحاجّة حتى حججته أي غلبته بالحجج التي أدليت بها... والحجة الدليل والبرهان"، وبهذا المعنى يدل الحجاج على النزاع والخصام بواسطة الأدلة والبراهن والحجج. وعلى هذا، كان من الطبيعي أن يكتسح الحجاج، تدريجياً مجتمعنا المعاصر الذي يمكن وصفه بأنه عصر التواصل والحجاج، حيث اكتسح الحجاج مجالات الدعاية والإشهار والتعليم والسياسة والقضاء والسينما والبيداغوجيا والإيديولوجيا والسيكولوجيا... إذ لا غنى عنه ولا مفر في كل طرائق الإقناع التي يسلكها أهل الدعاية في صحفهم، والأساتذة في دروسهم ومحاضراتهم، والسياسيون في خطاباتهم، والمحامون في مرافعاتهم، والقضاة في تعليلاتهم، والفلاسفة في معالجاتهم، والعلوم في تواصلهم... إنه حاضر حضوراً قوياً في كل مجالات التواصل الإنساني بإطلاق، وهل هناك تواصل بغير حجاج؟!!!. هذا وترجع الأهمية التي تحظى بها الدراسات الحجاجية اليوم، في جانب كبير منها، إلى النضج الكبير الذي عرفته مجموعة من المجالات المعرفية المحاقلة، كالمنطق واللسانيات وعلم الإجتماع وعلم النفس... فأصبح الإنسان أمام معرفة متشعبة تغطي مجالات النشاط الإنساني كلها. وعلى الرغم من هذه الأهمية وهذا الإهتمام المتزايد بالحجاج والدراسات الحجاجية، في المجتمع المعاصر، فإنها زالت من التخصصات النادرة التي لم تحظ بالدعاية المطلوبة في الثقافة العربية؛ أما جهلاً بأهميتها، أو تهميشاً لها لأن غريبة المنشأ والمقام، على الرغم من أن التناول الحجاجي أثبت فاعليته وقدرته الفائقة على فك مغاليق الكثير من جوانب الخطاب، وإستكشاف مناطقه القصية. وهذا ما يدفع للتساؤل عن ماهية هذا الإحتجاج الذي أصبح يتحدث عنه الكل، ويستشهد به الكل... وكيف بالإمكان تمثله؟ وما علاقته بالثقافة وبالعلوم الأخرى بما وما هو النشاط الحجاجي بالمقارنة مع أنشطة علمية أخرى؟ وما هذا الإحساس عند المشتغلين بالحجاج بخطورة الظرف، وضرورة التجند دون إنقطاع أو فتور؟ ما هذه السرعة التي تُطوى بها الإشكاليات؟ ما هذا القلق وهذا التوتر الدائم عند المشتغلين بالحجاج؟!. لا شك أن القارئ سيدرك ومن خلال رحلته مع هذا الكتاب أهمية هذه التساؤلات وعمقها، وإن الدراسات التي يحويها كفيلة بالإجابة عن كل التساؤلات المطروحة، بل وعن أسئلة أخرى غيرها في هذا المجال، بكل عمق ودقة، وتجدر الإشارة إلى أن هذه الطبعة هي طبعة جديدة لهذا الكتاب، وإن ما يميزها هو أن البحوث والدراسات التي تضمنتها محكمة، قد تم تصحيح الأخطاء الطباعية، كما تمت إعادة ترتيب بعض البحوث بشكل يتماشى والوحدة الموضوعية لكل قسم، ويخدم الأهداف المتوخاة من كل جزء.
الزوار (5779)
نسخ مشابهة