ضوابط الحيض والنفاس بين الشريعة والطب ( 101 صفحه)
رقم الايداع 9789953466194 , الطبعة 1 , سنة النشر 2009
ضوابط الحيض والنفاس بين الشريعة والطب
إن مسألة الحيض والنفاس، وما يصيب المرأة من إفرازات هي من المسائل الصعبة، المشكلة، التي تواجه الفقهاء، والمفتون عندما يسألون عنها، فترى الحيرة تنتاب وجوههم لما فيها من تفصيلات، وحالات مختلفة تختلف مع طبيعة النساء، وأعمارهن، أضف إلى ذلك أن الحيض لا يصيب قطاعاً صغيراً من النساء بل هو عام متكرر في النساء جميعاً إلا النادر، وكما أن الحياة المعاصرة تساعد أيضاً على إكثار هذه المشاكل وتزيد من حدة الأسئلة. وقد صح في كتب السنة: أن الرسول عليه الصلاة والسلام دخل على عائشة في حجة الوداع، وهي تبكي، فقال: "ما يبكيك"؟ قالت: لوددت والله أني لم أحج هذا العام، قال: "لعلك نفست"؟ قالت: نعم، قال: "فإن ذلك شيء كتبه الله على بنات آدم...". يقول النووي في كتابه المجموع: "أعلم أن باب الحيض من عويص الأبواب ومما غلط فيه كثير من الكبار لدقة مسائله، واعتنى به المحققون، وأفردوه بالتصنيف في كتب مستقلة". ويقول ابن عابدين: "باب الحيض من غوامض الأبواب ولهذا اعتنى به المحققون، وأفردوه محمد في باب مستقل". ويقول الشيخ ابن العثيمين في كتابه الفتاوى: "مشاكل النساء في الحيض والنكاح بحر لا ساحل له، ومن أسبابه: استعمال هذه الحبوب المانعة للحمل، والمانعة للحيض. وما كان الناس يعرفون مثل هذه الأشكالات الكثيرة من قبل، صحيح أن الإشكال ما زال موجوداً من بعث الرسول بل منذ وجود النساء، ولكن كثرته على هذا الوجه، الذي يقف الإنسان حيران في حل مشاكله أمر يؤسف له...". وقد رأيت من خلال مطالعتي، أن أهل الاختصاص من الأطباء توصلوا إلى نتائج قاطعة، أو راجحة في هذه المسائل. وبالمقابل كثيراً ما نسمع فتاوى معاصرين، لا يزالون بعيدين عن معطيات العلم في هذا الموضوع، فتعتمد فتواهم على علم الأوائل إلا من رحم ربي الذين يتابعون التقدم العلمي، فيسألون الطبيب المختص قبل الفتوى الملائمة. والغريب في الموضوع أن المرأة عند طبيبتها، حين تسألها عما تعانيه من اضطرابات في دورتها أو في نفاسها، وحيرتها: هل تصلي؟! هل تصوم؟! ترد الطبيبة: استفتي الفقهاء، فتجد المرأة نفسها بين الطبيبة والمفتي، شارحة لهذه وموضحة لهذا!!! إلى أن تصل إلى نتيجة وكثيراً ما تكون غير شافية. وكما قالت الدكتور نبيهة الجيار (استشارية أمراض النساء والولادة في وزارة الصحة بدولة الكويت): "نواجه نحن الأطباء بعض المشكلات في ممارستنا العلمية اليومية، وتحتاج هذه المشكلات إلى رأي سديد يتفق وأحكام الشريعة الإسلامية الغراء، حتى لا يضطر الأطباء إلى الاعتماد على الاجتهادات الشخصية التي قد تصيب وتخطئ". ليس الغموض الذي في هذه المسائل ناشئاً عن غموض الأحكام المترتبة عليه، فكثير من تلك الأحكام اتفاقية. يقول ابن المنذر: "أجمعوا على إسقاط فرض الصلاة عن الحائض، وأجمعوا على أن قضاء ما تركت من الصلاة أيام حيضها غير واجب عليها، وأجمعوا على أن قضاء ما تركت من الصوم أيام حيضها واجب عليها، وأجمعوا على أن على النفساء الاغتسال إذا طهرت". ويقول ابن حزم: "اتفقوا على أن الدم الأسود الخارج أيام الحيض من فرج المرأة، التي كانت في مثل سنها، يوجب الغسل على المرأة". لكن الغموض هو في الحيض نفسه فقد ينزل من المرأة دماء غير دماء الحيض، ويشتبه على النساء والعلماء دم الحيض مما ليس حيضاً، ويقع الإشكال... فأحببت في بحثي هذا أن أخدم هذا الموضوع ولو بجزء بسيط، حيث أقرب وجهات النظر بين الشريعة والطب، فأعرض لهذه الآراء وللأخرى، عسى أن تجد السائلات جواباً شافياً في حل هذه المعضلات النسائية. يعود إذن السبب في اختياري لهذا الموضوع إلى أمرين: الأول: تركيز إدارة الكلية "كلية الإمام الأوزاعي" على أن يكون البحث في المسائل المعاصرة التي يحتاج أهل هذا الزمان لإيجاد الحلول المناسبة لها. الثاني: وهو هذا الكتاب رسالة صغيرة، وضعت في متناول نساء الأمة، تشرح شرحاً موجزاً، بعيداً عن غوامض الكتب الفقهية الضخمة. المعطيات الفقهية لهذا الموضوع حيث تتوقف عند الواجبات الشرعية لبنات آدم، من صوم وصلاة وحج على أكمل وجه بعيداً عن الحيرة والارتباك. وقسم البحث إلى ثلاثة مباحث وتحتها عناوين متفرقة وهي كالتالي: معنى الحيض وحكمته، زمن الحيض ومدته، أحكام الحيض وأنواعه، الاستحاضة وأحكامها. النفاس: تعريفه وأحكامه، مدة النفاس واختلاف الفقهاء، الفرق بين الحيض والنفاس. المبحث الثاني: الحيض والنفاس في الطب، معنى الحيض وتعريفه، زمن الحيض ومدته، الفرق بين الحيض والاستحاضة، جدول يظهر الفرق بين دم الحيض والاستخاضة، النفاس: تعريفه وآثاره.
الزوار (426)