كفرفاقود بين 1920 و2010 - دراسة في تحولاتها التاريخية والإقتصادية والإجتماعية
رقم الايداع 9789953031033 , , سنة النشر 2014
كفرفاقود بين 1920 و2010 - دراسة في تحولاتها التاريخية والإقتصادية والإجتماعية
تجاوزت قرية "كفرفاقود محيطها الجغرفي، ولكنها بقيت أمينة، وفيّة للبيئة التي خرجت منها، فهي تقع في منطقة المناصف في قضاء الشوف، على هضبة متدرجة يعلوها شيرٌ صخريٌّ ضخم يفصلها عن جارتها دير القمر.

وتبعد كفرفاقود عن مركز القضاء في بيت الدين مسافة 15 كلم، وعن محافظة جبل لبنان في بعبدا 34 كلم، وعن العاصمة بيروت 38 كلم، وترتفع عن سطح البحر حوالي 510م.

ويقسم اسم كفرفاقود إلى جذرين: كفرا وفاقود، وكفرا Kafra كلمة سريانية، وإذا أضيقت تصبح "كفر"، وتعني القرية، أو الضيعة، او الدسكرة، أما فاقود "Pāqūda" فتعني الآمر، أو الحاكم المتسلط، أو مأمور الحكومة.

وقد أكد على هذه التسمية أنيس فريحة في كتابه "معجم أسماء المدن والقرى اللبنانية"، وسماها عنيف مرهج قرية "الآمر والحاكم"، كما اعتبرها الشيخ طنوس الشدياق قرية "الزائر والآمر"، وبحسب الرواية المحلية المتناقلة على ألسنة المسنين، فإن كفرفاقود تعني البلد المفقود لأنها تعرضت لزلزال مدمر (لم يحدد تاريخه) أفقدها معظم بيوتها الصغيرة آنذاك، وغيّر موقعها؛ إذ كانت نتواجد على التلة المشرفة عليها اليوم.

يحدّ كفرفاقود شمالاً قرية بشتغين، وتفصل بينها ساقية ماء شتوية تسمى "ساقية الحدّ" ويشكل الشير الصخري الضخم شرقاً حاجزاً طبيعياً بينها وبين بلدة دير القمر، وخلوات جرنايا "خلوات كفرحيم" وتفصلها عن قرية دير بابا جنوباً ساقية ماء شتوية تسمى "ساقية الدلم"، فيما يشكل مجرى نهر الصفا غرباً خط الحدود بينها وبين قرية كفر حتى في قضاء عاليه.

هذا ونظراً للموقع الجغرافي الذي تتمتع به قرية كفرفاقود، من حيث وجودها في منخفض يشكل "شبه وادي" تحيط به المرتفعات الجبلية القريبة منها (مسّار دير القمر شرقاً، ومرتفعات كفرمتى وعبيّه غرباً) والبعيدة (مرتفعات رشميا وعين تراز شمالاً، والدبية وتلال الروس جنوباً)، وبحكم إرتفاعها المتوسط عن سطح البحر فإن مناخها يتميز بالإعتدال.

هذا وإذا ما أريد الحديث عن تاريخ كفرفاقود، فهو بلا شك متداخل مع جغرافيتها البشرية والطبيعية، ومتشابك إلى حدّ إستحالة الفصل بينهما.

من هنا، تأتي أهمية هذا البحث حول تاريخ هذه القرية، الذي هو في معظمه لا يزال موجوداً في بيوتها، وفي ذاكرة شيوخها ومسنّيها، فكان لا بد للباحث ابن كفرفاقود من إستخراج "الكنز الكفرفاقودي" من باطن التاريخ ومن الإنسان، بغية إستثماره في "إقتصاد المعرفة" و"إقتصاد العلم"، فكان بالفعل هو "المؤرخ الخبير" الذي نقّب عن هذا الكنوز، مغربلاً المخطوطات والوثائق أحياناً، وناضلاً المعلومات التي استطاع الحصول عليها بشقّ النفس ضمن منهجية علمية بغية الوصول إلى الحقيقة التاريخية ومعالجة المعطى التاريخي من جذوره، حيث مزج في منهجية البحث، بين العرض، والوصف، والتحليل، والنقد، لمختلف الظواهر التاريخية والإجتماعية بدءاً من أسباب نشأتها وتشكلها، وأثرها في الواقع المعاشي، وصولاً لإستخلاص النتائج التي تركتها على الواقع الإجتماعي، والإقتصادي، والسياسي في القرية، منطلقاً من إشكالية، صاغت جوهر البحث وهي: هل استطاع مجتمع كفرفاقود بعاداته وتقاليده الصمود أمام عاصفة التحولات التاريخية، والإقتصادية، والإجتماعية، وأمام صراع الأجيال، بين متمسك بالقديم وراغب بالتجديد؟...

وعليه، فقد تم تقسيم هذا البحث إلى ثلاثة أقسام، إضافة إلى المقدمة والخاتمة والملاحق، والمصادر، والمراجع، والخرائط، وفهرس الأماكن والأسماء، ومجموعة الصور، وقد دار القسم الأول حول موضوع الواقع الجغرافي والتاريخي والإداري، بينما تم تخصيص القسم الثاني للحديث عن الواقع الإجتماعي والإقتصادي لقرية كفرفاقود، وحول واقعها الثقافي والديني جاء القسم الثالث.

هذا وقد ارتأى الباحث تحديد بحثه هذا بين 1920 و 2010 تاريخ إنتخاب ثاني مجلس بلدي فيها، طارحاً التحولات التاريخية والإقتصادية، والإجتماعية التي مرّت بها قرية كفرفاقود.

وتجدر الإشارة إلى أن هذا البحث إنما هو في الأصل رسالة أعدّها الباحث لنيل درجة الماجيستير.

الزوار (374)