الأعمال الروائية (تحت سماء داكنة - الهشيم - حكايات دومة الجندل) ( 400 صفحه)
الطبعة 1 , سنة النشر 1970
الأعمال الروائية (تحت سماء داكنة - الهشيم - حكايات دومة الجندل)
يعد القاص جهاد مجيد من القصاصين العراقيين المتميزين الذين تركوا بصماتهم الواضحة على مسيرة الإبداع السردي. بدأ القاص تجربته المبكرة بكتابة القصة القصيرة منذ مطلع السبعينات. وأصدر روايته الأولى ( الهشيم ) في تلك الفترة. وهي رواية سياسية تدين القمع ومصادرة الحرية الفكرية، وتنطوي على كثير من الترميز والإيحاء. وتطورت تجربة القاص جهاد مجيد خلال عقد الثمانينات والتسعينات من خلال توظيف عنصري الحكاية والموروث التاريخي بأسلوب جديد جعله أحد القاصصاين العراقيين القلائل أمثال محمد خضير محمود جنداري وخليل القيسي ونعمان مجيد ولؤي حمزة عباس الذين حاولوا إنقاذ القصة القصيرة من السقوط في منزلق الإعلام التعبوي الذي كان يكرسه النظام الدكتاتوري السابق من خلال الإرتقاء بفن القصة القصيرة رؤيوياً وإنسانمياً وفنياً لخلق إنموذج سردي حداثي يستلهم الموروث الشعبي والرافديني وفي الوقت ذاته يمتلك صلته الحميمة بالواقع الإجتماعي. وتمثل رواية ( دومة الجندل ) شكلاً سردياً في القصة العراقية ينطوي تحت نمط ما وراء الرواية ويقيم حواراً غنياً مع الماضي والموروث دون قطع الصلة بما هو حاضر وحي. تقف رواية ( الهشيم ) للروائي جهاد مجيد بجدارة بين أنضج الأعمال الروائية في العراق، فالرواية بعالمها الخاص وعناصر بنائها الفني ولغتها المعبرة تمثل مستوى متميزا بين الأعمال الروائية العراقية السابقة عليها والمواكبة لها. وهي من هنا تؤشر قصوراً في حق حركة النقد القصصي في العراق التي لم تول الرواية حقها أو تحاول أن تحدد مكانتها بين الإنتاج الروائي. تتم رواية ( الهشيم ) عن موهبة طليقة وتمكن فني ضمنا لها بناء عالم روائي متماسك ونام بعفوية وإنسياب أخاذ. وقد لا نبالغ إذا ما قلنا أن الفصل الأخير من هذه الرواية يقف بثبات في صف أجمل الفصول الروائية التي قدمها روائيون عرب متمكنون في مال هذا الفن، وذلك بعد أن أقام جهاد مجيد فصله الأخير على عنصر الصورة الفنية الموحية النامية نمواً معبراً. ورواية " دومة الجندل " للروائي جهاد مجيد، هي نتاج هذا التزاوج الخلاق بين الموروث الحكائي العربي وبين فنون القص المعاصر المدهشة. وإذا كان هناك روائيون آخرون قد ضمنوا وقائع التاريخ في رواياتهم لتوكيد قسوة الواقع وترديه من خلال مناقضته لذلك التاريخ مثل إميل حبيبي وهاني الراهب وجمال الغيطاني ويحي الطاهر عبد الله، فإن جهاد مجيد قد خلق لنا تاريخاً كاملاً شديد الصدق في خداعه ودقيق الوضوح في تمويهه وبالغ الوقع في حبكته. تاريخ لا يمكن نكرانه ولا يمكن قبوله والتسليم به في نفس الوقت. ولعل هذا هو الأساس النفسي للكيفية التي يتعامل بها الفنان مع وقائع التاريخ أو الكيفية التي ( يؤسطر ) لها رواة، أن كل الخراب والتمزق ووحشية الإنسان التي يتحدث عنها موجودة وقائمة أمام أعيننا وفي تلافيف ذاكرتنا، ولكن ( النظام ) الذي وضع فيه سلسلة حوادثه وشخوصه هو ( النظام ) جديد صنعته رؤى وأنامل فنان حاذق وفر له الصراع والتوتر وتصادم الأرادات الملتهب الكفيل بتغيب إنتباهه ( المنطق ) البارد ودفعنا إلى إقرار ( تاريخه ) بحماسه وكأنه تاريخنا الجمعي الذي نشعر به على الرغم من أنه ليس تاريخنا المسطور في ألواح التاريخ الجامدة
الزوار (732)