أمبرتو ايكو يتحدى قراءه!
أضيف بواسطة: , منذ ٩ أعوام
الوقت المقدر لقراءة التدوينة: 4 د

من هو هذا السيميائي؟

أمبرتو إيكو أستاذ السيميائية الإيطالي الذي أصبح في منتصف حياته الروائي الأكثر مبيعاً مع روايته اسم الوردة

والسيمائية هي علم دارسة الإشارات أي اللغة المحكية والمكتوبة والعلمية والفنية، وتعد اللسانيات جزءً من السيميائية.

خالف أمبرتو إيكو رغبة والده بدراسة القانون ودرس الفلسفة والأدب وكان اهتمامه كبيراً بالعصور الوسطى، كان مفتوناً بها لدرجة أنه كان يمضي وقته متجولاً في شوارع باريس التي كانت موجودة في العصور الوسطى، وكان يقول أنه قلما تخطر ببال المؤلفين فكرة لم يسبق وأن فكر بها أرسطو.


بدأ نجاحه كروائي مع "اسم الوردة" عام 1980 والتي  ترجمت إلى 43 لغة وبيع منها أكثر من 10 ملايين نسخة وقد مهدت هذه الرواية البوليسية الطريق لرواية دان براون "شيفرة دافنشي" وسلسلة روايات "هاري بوتر" ومصاصي دماء سلسلة "الشفق". وعن كتابته الروايات يقول أنه شيء كان يفعله في عطلة نهاية الأسبوع!


إيكو.. عاشق الكتب التي لم تُقرأ بعد!

كانت علاقة امبرتو ايكو بالكتب والقراءة علاقة مثمرة ومثالية إذ كان ينتمي إلى مجموعة نادرة جداً من المثقفين الموسوعيين. كان يملك مكتبة شخصية من 50 ألف كتاب، وكان يميز بين زوار مكتبته نوعين من الناس: أولئك الذي يفاجئون بمكتبته متسائلين "هل قرأت كل هذه الكتب سيد إيكو؟" وهم الغالبية، أما الفئة الثانية فيعتبرهم أقلية صغيرة جداً وهم الذين يعرفون أن المكتبة الخاصة ليست أداة لتضخيم الذات وإنما هي أداة بحث. يعتقد أمبرتو إيكو أن الكتب التي قرأناها هي دائماً أقل قيمة من تلك التي لم نقرأها بعد. لهذا يجب على مكتبك الشخصية أن تحتوي على الكثير من الكتب التي لم تقرأها ولم تعرف عنها شيئاً بعد، تماماً كما يجب أن تكون مصادرك ومدخراتك المالية متعددة. فمع تقدمك بالعمر تزداد معارفك وتزداد كتبك ويزداد كذلك عدد الكتب الغير مقروءة على رفوف مكتبتك. فكلما عرفت أكثر كلما زادت صفوف الكتب الغير مقروءة لديك!


تحدث عما لا تعرفه!

يقول أفلاطون أن أغلب الناس ليسوا مرتاحين فقط لجهلهم وإنما يغضبون بشدة ممن يشير إليه. فنحن نتعامل مع ثقافتنا كملكية شخصية ندافع عنها ونحميها ونتباهى بها، بينما نحن عادة لا نتجول بين الناس لنخبرهم بكم الأشياء التي لم ندرسها ولم نختبرها ولا نعرفها، فذلك عمل منافسينا، ولكن إيكو يعتقد أنه سيكون أمراً جيداً لو تحدثنا عن الأشياء التي لا نعرفها!


رغم ثقافته الواسعة لم يكن أمبرتو ايكو من ذلك النوع من المثقفين الذي يحبس نفسه في برج عاجي، بل كان إنساناً اجتماعياً مرحاً محباً للأصدقاء وللحياة، وصحفياً بارعاً يعشق الثقافة الشعبية. كان يقول مازحاً  بعد فوزه بالجوائز: "منذ الآن وصاعداً إما نوبل أو لا شيء!". لكن نوبل لم تأت رغم كم الجوائز الهائلة والتكريمات التي نالها.


إيكو يتحدى قراءه!

يقول إيكو أن نهجه في الكتابة هو السعي لتغيير القارئ: "أعتقد أن على المؤلف أن يكتب ما لا يتوقعه القارئ. ليس عليك أن تبحث عما يريده القارئ وإنما أن تتحداه.. عليك أن تشكل القارئ الذي تريده لكل قصة تكتبها".. وكان يرفض دائما الاعتذار لقراءه عن الصعوبة والتعقيد التي يجدونها في أعماله قائلاً "إن الناس تعبوا من الأشياء البسيطة، إنهم يحبون التحدي!".


50 % من الرأي العام يتشكل عبر الحقائق المزيفة!


يقول أمبرتو إيكو: "أنا فيلسوف وأكتب الروايات في عطلة نهاية الاسبوع. كفيلسوف أنا مهتم بالحقيقة. ولأنه يصعب تحديد الحقيقة من الزيف فقد توصلت إلى أن أسهل طريقة للوصول للحقيقة هي عبر تحليل الزيف.. ففي معظم رواياتي استخدمت الكثير من الحقائق التي اعتقدوا أنها من تأليفي! فالواقع أكثر سحراً من الخيال لأنه أكثر إبداعاً!


الأدب الحقيقي هو عن الخاسرين!

عندما سُئل ايكو لماذا يحب أن يروي قصصه على لسان أبطال مهزومين وخاسرين أجاب بأن هذا هو الأدب! دستويفسكي كان يكتب عن الخاسرين. "هكتور" الشخصية الأساسية في الإلياذة هو شخصية خاسرة. من الممل جدا الحديث عن الرابحين. الأدب الحقيقي كان يتحدث عن الخاسرين. كمدام بوفاري ودون كيخوتة وهاملت وفاوست. الخاسرون أكثر سحراً وروعة. أما الرابحون فهم أغبياء لأنهم عادة يربحون عن طريق المصادفة.


من أجمل ما قال:


- لا أنتمي إلى زمرة الكتّاب الرديئين الذين يزعمون أنهم لا يكتبون إلا لأنفسهم. فما يكتبه كاتب لنفسه هو فقط قائمة المشتريات التي تلقى أرضاً بعد شراء أغراضه. أما ما يبقى فهي رسائل موجهة إلى شخص آخر.

- هناك نوعان من الشعراء: الجيدون الذين يحرقون قصائدهم في سن الثامنة عشرة، والسيئون الذي يواصلون كتابة الشعر إلى آخر يوم في حياتهم.

- في السادسة عشرة من عمري بدأت كتابة قصائد شعرية، ولا أتذكر هل الحاجة إلى الشعر هي التي كانت وراء ميلاد حبي الأول أم العكس؟

- أعتبر نفسي جامعياً وناقداً بالحرفة، وروائياً بالهواية.

- الكتاب الجيد أكثر ذكاء من مؤلفه. يمكنه أن يقول أشياء لم يكن مؤلفها مدركاً لها.

- كتابة رواية تشبه ممارسة لعبة فيديو حيث أستطيع فيها أن أكون المحارب الذي يدخل نوعاً من الممالك السحرية.

-  كل الشعراء يكتبون شعراً سيئاً. الشعراء السيئون ينشرونه والشعراء الجيدون يحرقونه.

- هكذا كنت أعيد اكتشاف ما كان الكتّاب يعرفونه، كنت أقول دائماً: كل الكتب تتحدث عن كتب أخرى، وكل قصة تخبرنا قصة كانت قد قيلت من قبل.

- أحب  رائحة حبر الكتب في الصباح.

- لكي نواصل الحياة، علينا أن نروي القصص.

- الكتب لم توجد لكي نؤمن بها، وإنما لتجعلنا نفكر، عندما نقرأ كتاب لا يجب علينا أن نسأل أنفسنا عما يقوله وإنما عما يعنيه.

- نحن نعيش من أجل الكتب.

تدوينات أضيفت مؤخراً
بين الكتب والقرّاء